إنها مباراة مفترق طرق رغم أنها في المرحلة الخامسة من الدوري العام، لكنها الحقيقة التي غابت عن كرول لعدم الخبرة بلقاءات القمة وأهميتها في التحكم في مسيرة المسابقة التي تحتاج إلى نفس طويل يملكه الأهلي فقط حتى الآن.
كرول لم يقدر أهمية المباراة وتعامل معها على أنها عادية جدا لا تعطي للفائز بها أكثر من النقاط الثلاث وقد خسرها لصالح الأهلي الذي استطاع الآن أن يعود إلى الصدارة ولن يتنازل عنها كما هو المعتاد منه دائما، بينما سيتعرض الزمالك لاعصار ما بعد الهزيمة، وقد حصل فعلا من هجوم الجماهير على مجلس الادارة المعين الذي لا يعرف ماذا يفعل، فقط جاء بلبن العصفور، ولكن لا شئ ينفع في البيت الأبيض!
كل ما توقعته حصل تقريبا، وقد قلت إنني استدعي تاريخ هذه اللقاءات بين الفريقين من الذاكرة، واطبقه على ما يسبقه من ارهاصات هنا وهناك، واستنتجت أن الأهلي هو الأقرب للفوز، لعدة أسباب في مقدمتها احترام مانويل جوزيه لأهمية المباراة وقيمة المنافس، وللنقاط الثمينة التي تمثل كل منها عشرة أضعاف نقاط المباريات الأخرى، لأنها من جيب المنافس التقليدي والوحيد، فاذا تم تفريغ ما في هذا الجيب، فلا فريقا آخر يستطيع أن يوقف الأهلي نحو الدرع الرباعي، وهو قادر على ذلك في المرحلة القادمة، خاصة أنه سيعدل أوضاعه في انتقالات يناير بصفقة أحمد فتحي وربما حسني عبد ربه وآخرين.
قلنا أن تشكيل كرول في المباريات الماضية خاطئ، وأن انتصاراته لا تغطي على العيوب الموجودة، فخط الدفاع المكون من كريم ذكري والعابدي ومحمود فتح الله لا يملكون خبرة لقاء القمة، وهذه أول مرة يلعبون مع بعضهم في مواجهة الأهلي، ولم ينتبه كرول لهذا مع أن أصغر مشجع يمكنه أن ينبه إلى ذلك، وهنا نسأل أين الجهاز المساعد ممثلا في معتمد جمال وصحبه، وهل كل دورهم هو مشاهدة ما يفعله كرول والايماء بالموافقة أو بالصمت!
أحمد مجدي كما توقعنا كان ثغرة كبيرة في الطرف الأيسر. أين هو من طارق السيد الخطير حتى وهو في نصف لياقته!
بطئ الحركة، تمريراته مقطوعة، لم يستطع أن يجاري بركات حتى والأخير مقيد في غير مركزه في الشوط الأول، يفكر كثيرا حين تكون الكرة في متناوله فسرعان ما يفقدها أو يمررها إلى المنافس.
ولم يكن أحمد غانم سلطان في الطرف الأيمن أفضل منه، سريع في اندفاعه ولكنه قليل المهارة والحيلة، ولا يستطيع مد المهاجمين بالكرات الخطيرة المؤثرة، وبسبب ضعف الطرفين لم يتمكن الزمالك في الشوط الأول من فرض كلمته على منطقة المناورات الحيوية، فضاع الثلاثي شيكا بالا وعبدالحليم علي وعمرو زكي، ولم نر خطورة سوى من عبدالحليم في بعض الفترات.
والأكادة أن كرول كان يشاهد المباراة مثلنا ولم يعط أي أمل لجماهير ناديه في قدرته على التغيير وقيادة فريقه نحو تغيير الأوضاع، في مواجهة مانويل جوزيه الذي أعد عدته جيدا وعالج ثغرات دفاعه، واستطاع حماية مرماه من أي كرات خطيرة، وحتى تلك التي ذهبت في اتجاه الحضري ومنها الكرة التي أخرجها شادي محمد من على خط المرمى، كانت كرات ضالة، ذهبت في لحظات سرحان من بعض مدافعي الأهلي، لكن هناك من يستطيع أن يغطي لحظات السرحان ويمتصها، فمرة تجد الحضري في كرة جمال حمزة المباغتة، ومرة تجد شادي محمد عندما خرج الحضري خطأ أثناء ضربة ركنية، وهو في تصوري الخطأ الوحيد.
لا أعول كثيرا على القول بأن هدف النجم محمد أبو تريكة كان تسللا، فتقديرها صعب جدا، وهي لا تغير من الأمر شيئا، فالأهلي يستحق الفوز وبفارق هدفين على الأقل، والزمالك يستحق أن يعيش في غيابه الذي صار أبديا بالنسبة لجمهوره، إلى أن يرى الله امرا آخر!
أجاد مانويل جوزيه في وضع التشكيل المثالي الواقعي للمباراة، لم يصبه الغرور حتى بعد أن تقدم بهدف مبكر بواسطة قدم أبو تريكة التي لا تضيع طريقها، وقد لحق بهدافي لقاءات القمة وتساوى مع توتو وعلاء الحامولي في حصيلة الأهداف السبعة، وأمامه عمر طويل في الملاعب ان شاء الله ليحقق رقما قياسيا لا يمكن لغيره أن يصل إليه إلا بعد سنوات طويلة جدا.
في تصوري أن أبو تريكة سيصبح بطلا قوميا في نظر أغلبية المصريين لو استطاع ان يصل بفريقه إلى الكأس الأفريقية الثالثة، وهو قادر على ذلك بمساعدة زملائه الذين يملكون روح التصميم والعزيمة، وقادرون دون أي فريق آخر في مصر على تغيير أوضاعهم سريعا.
لقد غيروا تماما من النظرية التي تقول إن الهزيمة تجر هزيمة والأداء السيئ يجر أداء سيئا، وهي نظرية يحققها الزمالك والاسماعيلي الذي خسر خمس نقاط على ارضه خلال أيام قليلة فخرج تماما من الصورة!
قد يقول قائل إن الفارق بين الأهلي والزمالك نقطتان يمكن تعويضهما، لكن الحقيقة أن خسارة الزمالك للقمة وعدم قدرته على رفع كعبه في مباريات الأهلي سوى في مباراة وحيدة لعبها بدون نجومه وبدون مديره الفني مانويل جوزيه، سيعني أنه في طريقه لخسارة مباريات أخرى ولمزيد من المشاكل، وعليه من الآن أن يدافع عن مركز الوصيف في مواجهة فرق أخرى تنافسه عليه أبرزها طلائع الجيش!
من يشهد التدريبات التي يقودها كرول يستطيع أن يتوقع المستقبل المظلم، فالرجل لا يجيد سوى التدريبات البدنية كأنه "صول" يقود الأشغال الشاقة المؤبدة من الجري لرجال يقضون عقوبة السجن.
لا يملك قراءة فنية للتشكيل أو خبرة إدارة المباريات أو ابداع التغيير، وكان منظره مثيرا للشفقة الشديدة في مواجهة سيطرة مطلقة للعجوز جوزيه، الذي كان شابا في التفكير والحركة والقراءة المستمرة والتغيير المفيد.
لقد توقع جوزيه تشكيل الزمالك وعرف الثغرات جيدا قبل المباراة، ولذلك كان جهازه المساعد بقيادة حسام البدري واثقا من الفوز، على عكس كرول الذي ظل ينوم لاعبيه بأقواله عن مباراة عادية والابتعاد عن المعسكرات وابعاد لاعبي الأطراف المؤثرين مثل طارق السيد أو بديله خالد سعد، والتشكيل الخاطئ الذي ضلل به نفسه من خلال مباريات فاز بها بشق الأنفس أو بالنيران الصديقة كما يقول أنصار الأهلي!
ماذا يملك ممدوح عباس لفريق لا يستطيع أن يلعب؟.. وهل يحضر مجموعة من سحرة أفريقيا ليرشوا على كل لاعب الماء بالملح، أم يذبحوا عجلا لمستوى لا يستحق حتى ذبح قطة برية شاردة!